حكم تكرار العمرة في الزيارة الواحدة
السؤال:
ما حكم تكرار العمرة في الزيارة الواحدة:
الجواب:
يجوز تكرار العمرة في الزيارة الواحدة، فقد اتفقت المذاهب الأربعة المعتبرة على جواز تكرار العمرة في السنة الواحدة، فلا يلتفت إلى من منع ذلك واعتبره من البدع أو المحرمات أو أطلق الكراهة فيه، ودليل استحباب تكرار العمرة مجموعة من الأدلة منها:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما) رواه مسلم، فدل على فضيلة العمرة للاعتمار والإكثار منها لأنه لم يقيد زمن ما بين العمرتين بل أطلقه.
- وفي سنن الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم قال: (تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكثير خبث الحديد والذهب والفضة) قالوا: فهذا يدل على فضيلة التكرار.
- ومن ألطف الأدلة وأعجبها في الاستنباط قول بعض العلماء مما يدل على جواز تكرار العمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء كل سبت، وقباء لا يؤتى إلا من أجل أن الصلاة فيه بعمرة قالوا: فدل على مشروعية التكرار لأنه قصد فضيلة العمرة فإذا كانت فضيلة العمرة بالبدل مقصودة ومطلوبة فلأنْ تشرع بالأصل من باب أولى وأحرى.
- وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ ليس لها ثوابٌ إِلا الجنَّة، وعمرتانِ تُكَفِّرَانِ ما بينهما من الذُّنوب)، وجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العمرتين مكفرتين للذنوب بلفظ مطلق يقتضي عدم تقييد العمرتين بزمن معين بل يجوزان مطلقا حتى ولو وراء بعضهما مباشرة.
- وروي جواز تكرار العمرة عن عدد من الصحابة والتابعين، فروي عن علي وابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة وعطاء وطاووس وعكرمة، فلس هؤلاء الصحابة بمبتدعين ولا مرتكبين لمحظور؟!، ففي مسائل ابن هانئ سئل الإمام أحمد t عن العمرة ؟ فقال: (اعتمر في كل شهر مراراً إن قدرت، وعن عكرمة، قال: اعتمر ما أمكنك الموسى. وعن ابن عمر؛ أنه كان يعتمر في كل سنة عمرة، إلا عام القتال، فإنه اعتمر في شوال وفي رجب. وسئل عطاء عن العمرة في الشهر مرتين ؟ قال: لا بأس، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (في كل شهر عمرة ” رواه الشافعي في الأم. وقال أيضاً رضي الله عنه: (اعتمر في الشهر إن أطقت مراراً “. وكان أنس بن مالك رضي الله عنه، يعتمر كلما حُمم رأسه ـ يعني يعتمر كلما اسود بعد الحلق ـ. وسئل قتادة رحمه الله عن عمرتين في شهر؟ فروى عن سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، قالوا: لا بأس) رواه أبو داود.
ولا دليل للمالكية على كراهية تكرار العمرة. قال الشافعي t في الأم: ” والعمرة في السنة كلها، فلا بأس بأن يعتمر الرجل في السنة مراراً، وهذا قول العامة من المكيين وأهل البلدان “.
ولا بأس من الإكثار من الاعتمار والموالاة بينهما كمن يعتمر في الزيارة الواحدة أكثر من مرة، بل يجوز تكرار العمرة في اليوم الواحد أكثر من مرة إن أطاق، لكن إن كان تكراره للعمرة في المرة الواحدة يذهب خشوعه لكثرة تعبه أو يكررها أفعالا فارغة من روحها ومعانيها الإيمانية التي على المعتمر استحضارها أثناء تلبسه بأعمال العمرة فلا يستحب له التكرار بل الأفضل أن يأتي بأعمال أخرى تزيد قربه من الله وترفع درجته وأجره كالطواف وصلاة النافلة، فليست العمرة مقصودة لذاتها ولا ليقال اعتمرت كذا وكذا مرة نسأل الله الإخلاص.
مصدر الفتوى من كتاب:
(فتاوى معاصرة)، مؤلف الكتاب: للدكتور أيمن عبد الحميد البدارين، دار النشر: دار الرازي
للنشر والتوزيع، مكان النشر: عمان، الأردن، رقم الطبعة: الطبعة الأولى، سنة الطبع:
1434هـ-2013م، رقم الصفحة (77-80).
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.